الصلاة هي صلة بين الله وعبده ؛ لأن في أدائها ضمانًا لمواصلة الله نعمه وفضله على عبده؛ قال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].
كيف نحافظ على الصلاة سؤال هام يشغل بال العباد لضمان الحفاظ على الصلة بينهم وبين الله تعالى .
كيف نحافظ على الصلاة سؤال يتررد كثيراً بين التائبين الراغبين في العودة إلى كنف الله تعالى.
كيف نحافظ على الصلاة مسعى الراغبين في نعم الله تعالى.
Table of Contents
Toggleكيف نحافظ على الصلاة
حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ(238) فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ(239)
الله سبحانه وتعالى أمر عباده بالمحافظة على الصلوات الخمس بصفة عامة و بالمحافظة على الصلاة الوسطى بصفة خاصة ؛ والصلاة الوسطى هي صلاة العصر على الراجح، والمحافظة هي المداومة على الشيء والمواظبة عليه.
قال ابن العربي في أحكام القرآن عند تفسير هذه الآية: المحافظة هي المداومة على الشيء والمواظبة، وذلك بالمثابرة علىها ، ومنع إهدارها أو جزء منها ، وحفظها في نفسها ومراعاة أجزائها وصفاتها ، ومنه كتاب عمر من حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، فيجب أولا حفظها ثم المحافظة عليها بذلك يتم الدين.
فما معنى حافظوا؟ الجواب ـ إذن ـ يقتضي أن نفهم أن عندنا “حفظاً يقابل “النسيان”، و”حفظا” يقابله “التضييع”، والاثنان يلتقيان، فالذي حفظ شيئا ونسيه فإنه قد ضيعه. والذي حفظ مالا ثم بدده، لقد ضيعه أيضاً، إذن كلها معانٍ تلتقي في فقد الشي، فالحفظ معناه أن تضمن بقاء شيء كان عندك؛ فإذا ما حفظت آية في القرآن فلابد أن تحفظها في نفسك، ولو أنعم الله عليك بمال فلابد أن تحافظ عليه. وقوله: “حافظوا على الصلوات” معناه لا تضيعوها. ويحتمل أيضاً معنى آخر هو أنكم قد ذقتم حلاوة الصلاة في القرب من معية ربكم، وذلك أجدر وأولى أن تتمسكوا بها أكثر، وذلك القول يسري على الصلوات الخمس التي نعرفها.
أي أن الحفاظ على الصلاة ينقسم إلى جزئين :
الأول : الصلاة على أوقاتها .
الثاني : الخشوع والحفاظ على أجزاء الصلاة .
كيف نحافظ على الصلاة
وفيما يلي نتدارس سويا ونجيب بما يوفقنا الله به على السؤال الهام والشاغل لعقولنا ؛ كيف نحافظ على الصلاة :
أولاً : كيف نحافظ على الصلاة على أوقاتها :
الصلاة على أوقاتها أي كيف نحافظ على الصلاة في وقتها المحدد ؛ وقبل أن نتعلم كيف نحافظ على الصلاة في وقتها يجب علينا أن نتعرف أولاً وجيداً على مشكلة عدم الصلاة في وقتها وكذلك تقدير حجم المشكلة .
تقدير حجم مشكلة عدم الصلاة على أوقاتها :
المشكلة هنا هي مقدار المكافأة التي ستفقدها إذا كنت كسولًا للصلاة: من أجل الحفاظ على الصلاة ، يجب أن نعلم أن الصلاة في أول الوقت هي أعز عمل الله القدير على الأرض ، وإذا أحب الله فعلًا ، فهو يجازيها. بغنى ، ربما هذا يحفزك على الاستمرار.
وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال: صلِّوا في وقتها ، قلت: ثم؟ قال: أكرم أبويك ، قلت: ثم؟ قال: “الجهاد في سبيل الله” حديث البخاري ورواية مسلم. فالصلاة إذن هي الوقت المناسب للتواصل مع الخالق لمساعدته ورعايته.
وعلى المؤمن الوعي بخطيئة الكسل: الخوف يحفز العمل على تجنب الأذى. يقول تعالى: “وَيْلُ الْمَعْبَدِينَ إِنَّهُمْ تَرْكُونَ صَلاَتِهِمْ” فكم مرة يصنع الكسول؟
خطوات الحفاظ على الصلاة على أوقاتها:
1- طلب العون من الله ودعاؤه باستمرار بالنشاط وعدم الكسل والتغلب على وساوس الشيطان: قال تعالى: “وقال ربُّكم ادعونِي أستجب لكم”.
وقال: “قل أعوذ بربِّ الناس، مَلِك الناس، إله الناس، من شرِّ الوسواس الخنَّاس”، فالشيطان يخنس، أي يتراجع بذكر الله تعالى ذكراً فيه حضور قلبٍ ويقينٌ بقدرة الله على التغيير. والدعاء لابدَّ وأن يكون بإخلاص، أي بإرادةٍ حقيقيَّةٍ في الشفاء؛ إذ الإخلاص سببٌ رئيسيٌّ للتوفيق.
ومما أورد المصنف -رحمه الله- في باب فضل الذكر مما يقال قبل السلام: ما جاء عن معاذ : أن رسول الله ﷺ أخذ بيده، وقال: يا معاذ، والله إني لأحبك فقال: “أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك” رواه أبو داود بإسناد صحيح.
2- التدريب قوة الإرادة والصبر: يتم ذلك من خلال الإجراءات التي تساعد على قوة الإرادة والصبر ، مثل الصيام.
وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الأمر لأولئك الشباب الذين لم يتزوجوا لحمايته من الأخطاء ، فقال: أيها الشباب منكم يتزوج فليتزوج ، ومن قال الخمسة: عبء الزواج ، وهنا يأتي: أي رغبة في السيطرة. لن يمنعك الشيطان من الصيام بصوت هوسه: “إذا لم تلتزم بالصلاة ، فكيف تصوم؟” إذا كنت ضعيفًا في شيء ، فأنت قوي في كثير من الأمور الأخرى. هذه هي الطبيعة البشرية.
حاول أيضًا القيام بأشياء مثل المشي لمسافة معينة أو القراءة لفترة معينة من الوقت كل يوم لبناء قوة إرادتك وتصميمك. أعلم أن الأمر يتطلب العمل في البداية ، ولكن مثل أي شيء مع الممارسة ، يصبح سهلاً ويصبح عادة ، وهذه هي حقيقة ما يقوله هؤلاء الناس: “المعرفة تأتي من التعلم ، والأحلام تأتي من الأحلام”.
3- التدريب على القيام أوَّل الوقت: وهذا يتحقَّق من خلال ضبط الساعة أو الاتِّفاق مع زميلٍ أو جارٍ على تذكرتك، أو المرور عليك؛ لأخذك للصلاة عند سماع الأذان، منعاً للانشغال عنها أو التكاسل، أيُّ وسيلةٍ توصل لذلك قم بها، المهمُّ أن نصل للنتيجة.
4- ولعل من أهم الخطوات ألا وهي الصحبة الصالحة ؛ أي التواجد ما أمكن في وسطٍ صالح: وهذا من شأنه أن يعين على الطاعة، ويبعد عن المعصية، قال صلى الله عليه وسلم: “المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يُخالل”رواه أبو داود والترمذيُّ والحاكم، وصحَّحه”.
وبهذا قد عرفنا بعض الخطوات لإجابة تسؤلنا الأول ؛ كيف نحافظ على الصلاة في أوقاتها ؛ وحان الوقت لإجابة السؤال الثاني كيف نحافظ على الصلاة نفسها.
ثانياً: كيف نحافظ على الصلاة في خشوع :
غزو الخواطر الدنيويَّة أثناء الوقوف بين يدي الله تعالى مشكلة الجميع، والكلُّ يعرض شكواه متأثِّراً متألِّما ؛ ولعل الكل يتساءل كيف نحافظ على الصلاة في خشوع.
تقدير حجم مشكلة عدم الصلاة في خشوع :
الخشوع ضروريٌّ في الصلاة، ومن رحمة الله أنَّه اطَّلع على ضَعْف العباد، فلم يجعل الخشوع شرطاً في صحَّة الصلاة، وليس ركناً إن تركه بطلت، فإذا حاول العبد الخشوع أو لم يحاوله فصلاته صحيحةٌ على الراجح من أقوال العلماء. إنَّ الخشوع ضروريّ، وجديرٌ بالمسلم أن يحرص عليه، وأن يأتي بأسبابه الموصلة إليه.
وقد عرَّف الإمام ابن القيم في “مدارج السالكين” الخشوع بأنَّه: “قيام القلب بين يدي الربِّ بالخضوع والذلّ”، وإذا خشع القلب تبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء؛ لأنَّها تابعةٌ له، والخشوع محلُّه القلب. وعادةً ما يحاول الشيطان أن يصرف الإنسان عن خشوعه في الصلاة بمَكْرِهِ وكيده، فيلجأ إلى الوسوسة، ويحاول أن يحول بين المرء والصلاة والقراءة، فيلبسها عليه، فإذا حصل شيءٌ من ذلك فليستعذ العبد بالله.
وثمرة الخشوع عظيمة، ويجب أن نحرص عليها كلَّ الحرص بالمجاهدة المستمرَّة، ومنها: تكفير الذنوب- تحصيل الثواب الذي أعدَّه الله للطائعين الخاشعين من عباده- استجابة الدعاء في الصلاة- حبِّ الحلال والبُعد عن الحرام، فقد قال تعالى: “اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر”. وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من امرئٍ مسلمٍ تحضره صلاةٌ مكتوبة، فيُحسِن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت له كفَّارةً من الذنوب ما لم تُؤتَ كبيرة، وذلك الدهر كلُّه”رواه مسلم. كلُّ ما عليك هو أن تأخذ بالأسباب، ومحاولة حلِّ المشاكل أو الصعوبات التي تواجهها.
خطوات الحفاظ على الصلاة في خشوع:
كيف نحافظ على الصلاة في خشوع ؛ ربما تساعدنا الخطوات التالية على تعلم كيف نحافظ على الصلاة في خشوع تام :
1 – أول خطوة لتعلم كيف نحافظ على الصلاة في خشوع هي استحضار لمن سنصلي ؛ لمن سنقف بين يديه ؛ استحضار عظمة الله ملك الملوك، وجبَّار السماوات والأرض، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبَّار، المتكبِّر.
2 – والخطوة الثانية لتعلم كيف نحافظ على الصلاة في خشوع ؛ هي استحضار لماذا تصلي ؛ استحضار تقصيرك، وضعفك، وحاجتك إلى الله كي يعينك على الخشوع.
3 – ولعل من الهام عند تعلم كيف نحافظ على الصلاة في خشوع؛ هو استحضار تفاهة الدنيا، وأنَّ البقاء فيها مهما طال إلى رحيل، وأنَّ متاعها متاع الغَرور، وأنَّنا صائرون إلى الله ليوفِّينا أعمالنا.
4 – عدم الاستعجال في أداء الصلاة، فالعجلة قد تؤدِّي إلى ضياع بعض الخشوع، فالصلاة تحتاج إلى نفسٍ مجتمعة، وفكرٍ متدبِّر، وقلبٍ حاضر.
5 – كيف نحافظ على الصلاة في خشوع سؤال له ارتباط وثيق بسؤال كيف نحافظ على الصلاة في أوقاتها؛ فإن الصلاة في أوَّل الوقت أَعْوَن على الخشوع، كذلك إحسان الوضوء.
6 – أداء السنن الرواتب القبليَّة يوقظ القلب (أداء الرواتب والنوافل يسهِّل الوصول إلى الخشوع).
7 – تقليل الحركة في أثناء الصلاة (إلا لضرورة)، فسكون الجوارح يعين على حضور القلب.
8 – استبعاد المشاغل كلِّها في وقت الصلاة، كان أبو الدرداء يقول: “من فقه الرجل أن ينهي حاجته قبل دخوله في الصلاة؛ ليدخل في الصلاة وقلبه فارغ”، وعلينا ألا نشغل أنفسنا بأمر الدنيا في أثناء الصلاة، وأن نطرد الخواطر كلَّما وردت، وأن نستعيذ بالله من الشيطان ووسوسته، وقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلِّي “صلاة مودِّع”رواه الطبرانيُّ ورجاله ثقات.
9 – البعد عن النمطيَّة والاعتياد في الصلاة، وذلك يؤدِّي إلى عدم التأثُّر والتدبُّر، وعلاج ذلك بالوسائل التي تعين على الخشوع والوصول بالله، مثل: تدبُّر معنى الأذكار والآيات التي قرئت في الصلاة. قراءة الفاتحة وآياتٍ جديدةٍ غير التي قرئت في الصلوات السابقة. تدبُّر ما يُقرَأ، والموازنة بين حالنا وحال من يمرُّ بنا ذكرهم في آيات القرآن من أهل الجنَّة. لنرى مدى تقصيرنا، أو من يمرُّ بنا ذكرهم من أهل النار وخصالهم التي تشبهنا، وهذا يجعلنا نراجع أنفسنا، ونحسُّ بالحاجة لمغفرة الله وعفوه سبحانه، وربَّما يؤدِّي بنا ذلك إلى البكاء، وهو من الخشوع.
أعمال تساعدنا على تعلم كيف نحافظ على الصلاة:
1– العمل على الازدياد من العلم الشرعيِّ ومعرفة الله تعالى، ومحبَّته، والخوف منه، ورجاء رحمته، والثقة بما عنده، كلُّ ذلك يؤدِّي إلى الوصول إلى الخشوع في الصلاة.
2– التوبة إلى الله من الذنوب، وتجديد هذه التوبة مرَّةً بعد مرَّة.
3– الإكثار من قراءة القرآن، وذكر الله، والإكثار من ذكر الموت، ومحاسبة النفس، والبعد عن الرياء كذلك.وهناك حقيقةٌ إسلاميَّةٌ مقرَّرة، وهي أنَّ الله لا يكلِّفنا ما لا نطيق، قال سبحانه: “لا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إلا وُسْعها”، فعلينا أن نسعى جهدنا إلى الخشوع في الصلاة، ولنجاهد وساوس الشيطان، ونطلب من الله العون والمساعدة.
4– الحرص على فتح أبوابٍ أخرى للخير ما أمكن: فإن كان الشيطان قد غلبك في الصلاة؛ فلا يغلبك مثلاً في إتقان عملك وتقوى الله فيه.
5- المواظبة على مواعيدك، والوفاء بالوعود والأمانات مع الناس، وخدمتهم وعونهم ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم، فإن حرصت على هذه المعاملات الإسلاميَّة سيكون ذلك بإذن الله حافزاً على محاولة استكمال بقيَّة جوانب الخير في نفسك، خاصَّةً الصلاة، وسيأتي عليك يومٌ تواظب عليها وتخشع فيها، وتعين غيرك ممَّن لا يصلُّون بوسائل العلاج التي اتَّخذتَها سابقا، وستكون نِعْم الداعي إلى الإسلام”.
الصلاة هي الركن الثاني بعد الشهادة ،كيف تصوم وأنت لا تصلي؟ كيف تُزكي وأنتَ لا تصلي؟ كيف تعتمر أو تحج وأنتِ لا تصلي؟ ماذا سيكون ردك على الله حينما يسألك “ما الذي منعك َعن الصلاة “؟ قل لي بربك: هل هناك جواب شافي على هذا السؤال؟ هل هناك ردُ مُقنع؟ أنا لا أعتقد أنه يوجد، لا تقل سأفعل بعد أيام.. بل الآن. ولا تقل صعب! بل قُم وجرب. ولا تقل كيف؟! بل قٌم وتوضأ.
وأخيرًا أسألُ االله أن يهدينا جميعًا لما يحبه ويرضاه.
تابعونا أيضا في تربية الأبناء في الإسلام
التنبيهات : ما الفارق بين صلاة الفجر و صلاة الصبح؟ و ما اهم 3 فضائل لها